كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ: لِأَنَّ فِيهِ الْمُسَارَعَةَ إلَخْ) الْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ، ثُمَّ رَأَيْت إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إلَخْ) قَدْ يُمْنَعُ وُرُودُ هَذَا مِنْ الِابْتِدَاءِ إذْ لَيْسَ التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْجَمْعِ وَتَرْكِهِ بَلْ بَيْنَ أَفْرَادِهِ وَهِيَ تَقْبَلُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مَفْضُولًا إذْ الْفُضُولُ يَتَفَاوَتُ أَفْرَادُهُ سم.

(قَوْلُهُ: أَيْ فَهُوَ مُبَاحٌ) قَدْ يُمْنَعُ كَوْنُهُ مُبَاحًا بِأَنَّ خِلَافَ الْأَفْضَلِ كَخِلَافِ الْأُولَى يَكُونُ مَكْرُوهًا كَرَاهَةً خَفِيفَةً يُعَبَّرُ عَنْهَا بِخِلَافِ الْأُولَى ع ش وَقَدْ يُمْنَعُ كُلِّيَّةً مَا قَالَهُ بِأَنَّ الْغَالِبَ رُجُوعُ النَّفْيِ لِلْقَيْدِ فَقَطْ وَهُوَ هُنَا زِيَادَةُ الْفَضِيلَةِ فَيَبْقَى أَصْلُ الْفَضِيلَةِ.
(قَوْلُهُ: وَمَرَّ) أَيْ آنِفًا.
(قَوْلُهُ: وَيُرَجِّحُهُ) أَيْ عَلَى تَرْكِ الْجَمْعِ.
(قَوْلُهُ: ذَلِكَ) أَيْ الِاقْتِرَانُ بِالْكَمَالِ.
(وَشُرُوطُ) جَمْعِ (التَّقْدِيمِ ثَلَاثَةٌ) بَلْ أَرْبَعَةٌ أَحَدُهَا (الْبُدَاءَةُ بِالْأُولَى) لِأَنَّ الْوَقْتَ لَهَا وَالثَّانِيَةُ تَبَعٌ لَهَا وَالتَّابِعُ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَى مَتْبُوعِهِ (فَلَوْ صَلَّاهُمَا) مُبْتَدِئًا بِالثَّانِيَةِ فَهِيَ بَاطِلَةٌ وَلَهُ الْجَمْعُ أَوْ بِالْأُولَى (فَبَانَ فَسَادُهَا فَسَدَتْ الثَّانِيَةُ) أَيْ لَمْ تَقَعْ عَنْ فَرْضِهِ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ أَمَّا وُقُوعُهَا لَهُ نَفْلًا مُطْلَقًا فَلَا رَيْبَ فِيهِ لِعُذْرِهِ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ بِالظُّهْرِ قَبْلَ الْوَقْتِ جَاهِلًا بِالْوَقْتِ (وَ) ثَانِيهَا (نِيَّةُ الْجَمْعِ) لِتَتَمَيَّزَ عَنْ تَقْدِيمِهَا سَهْوًا أَوْ عَبَثًا (وَمَحَلُّهَا) الْأَصْلِيُّ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ هُوَ الْأَفْضَلَ (أَوَّلُ الْأُولَى) كَسَائِرِ الْمَنْوِيَّاتِ فَلَا يَكْفِي تَقْدِيمُهَا عَلَيْهِ اتِّفَاقًا (وَيَجُوزُ فِي أَثْنَائِهَا) وَمَعَ تَحَلُّلِهَا، وَلَوْ بَعْدَ نِيَّةِ فِعْلِهِ، ثُمَّ تَرْكِهِ لِبَقَاءِ وَقْتِهَا أَوْ بَعْدَ سَيْرٍ، وَلَوْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ، وَإِنْ انْعَقَدَتْ الصَّلَاةُ فِي الْحَضَرِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا يَأْتِي فِي الْمَطَرِ بِأَنَّ الْجَمْعَ بِالسَّفَرِ أَقْوَى مِنْهُ بِالْمَطَرِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ ضَمَّ الثَّانِيَةَ لِلْأُولَى فَمَا لَمْ تَفْرُغْ الْأُولَى فَوَقْتُ ذَلِكَ الضَّمِّ بَاقٍ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ ذَلِكَ فِي الْقَصْرِ لِمُضِيِّ جُزْءٍ عَلَى التَّمَامِ وَبَعْدَهُ يَسْتَحِيلُ الْقَصْرُ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ نَوَى تَرْكَهُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ، وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ، ثُمَّ أَرَادَهُ، وَلَوْ فَوْرًا لَمْ يَجُزْ كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَمِنْهُ أَنَّ وَقْتَ النِّيَّةِ انْقَضَى فَلَمْ يُفِدْ الْعَوْدُ إلَيْهَا شَيْئًا وَإِلَّا لَزِمَ إجْزَاؤُهَا بَعْدَ تَحَلُّلِ الْأُولَى وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَالرِّدَّةِ إذْ الْقَطْعُ فِيهَا ضِمْنِيٌّ وَهُنَا صَرِيحٌ وَيُغْتَفَرُ فِي الضِّمْنِيِّ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الصَّرِيحِ (وَ) ثَالِثُهَا (الْمُوَالَاةُ بِأَنْ لَا يَطُولَ بَيْنَهُمَا فَصْلٌ) لِأَنَّهُ الْمَأْثُورُ وَلِهَذَا تُرِكَتْ الرَّوَاتِبُ بَيْنَهُمَا وَكَيْفِيَّةُ صَلَاتِهَا أَنْ يُصَلِّيَ سُنَّةَ الظُّهْرِ الْقَبْلِيَّةَ، ثُمَّ الْفَرْضَيْنِ، ثُمَّ سُنَّةَ الظُّهْرِ الْبَعْدِيَّةَ، ثُمَّ سُنَّةَ الْعَصْرِ وَكَذَا فِي جَمْعِ الْعِشَاءَيْنِ وَخِلَافُ ذَلِكَ جَائِزٌ.
نَعَمْ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ رَاتِبَةِ الثَّانِيَةِ قَبْلَهُمَا فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ وَلَا تَقْدِيمُ بَعْدِيَّةً الْأُولَى قَبْلَهَا مُطْلَقًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (فَإِنْ طَالَ) الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا (وَلَوْ بِعُذْرٍ) كَجُنُونٍ (وَجَبَ تَأْخِيرُ الثَّانِيَةِ إلَى وَقْتِهَا) لِزَوَالِ رَابِطَةِ الْجَمْعِ (وَلَا يَضُرُّ فَصْلٌ يَسِيرٌ)، وَلَوْ بِنَحْوِ جُنُونٍ وَكَذَا رِدَّةٌ أَوْ تَرَدُّدٌ فِي أَنَّهُ نَوَى الْجَمْعَ فِي الْأُولَى إذَا تَذَكَّرَهَا عَلَى قُرْبٍ عَلَى الْأَوْجَهِ فِيهِمَا لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرَ بِالْإِقَامَةِ بَيْنَهُمَا، وَإِنَّمَا أَثَّرَتْ الرِّدَّةُ فِي نِيَّةِ الصَّوْمِ قَبْلَ الْفَجْرِ عَلَى الرَّاجِحِ؛ لِأَنَّهَا لِعَدَمِ اتِّصَالِهَا بِالْمَنْوِيِّ ضَعِيفَةٌ فَأَثَّرَتْ فِيهَا الرِّدَّةُ بِخِلَافِهَا هُنَا وَلَا تَجِبُ هُنَا إعَادَةُ النِّيَّةِ بَعْدَهَا لِمَا مَرَّ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا هُنَا وَأَثْنَاءَ الْوُضُوءِ بِأَنَّ وَقْتَ النِّيَّةِ ثَمَّ بَاقٍ كَمَا يَشْهَدُ لَهُ جَوَازُ تَفْرِيقِ النِّيَّةِ عَلَى الْأَعْضَاءِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَأَيْضًا فَمَا بَعْدَهَا، ثُمَّ تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّةُ مَا قَبْلَهَا فَاحْتَاجَ مَا بَعْدَهَا لِنِيَّةٍ جَدِيدَةٍ وَهُنَا الْأُولَى لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى فِعْلِ الثَّانِيَةِ فَلَمْ يَحْتَجْ لِنِيَّةٍ أُخْرَى (وَيُعْرَفُ طُولُهُ) وَقِصَرُهُ (بِالْعُرْفِ)؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ لَهُ ضَابِطٌ وَمِنْ الطَّوِيلِ قَدْرُ صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ، وَلَوْ بِأَخَفِّ مُمْكِنٍ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ (وَلِلْمُتَيَمِّمِ) بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ (الْجَمْعُ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَا يَضُرُّ تَخَلُّلُ طَلَبٍ خَفِيفٍ) بِأَنْ كَانَ دُونَ قَدْرِ رَكْعَتَيْنِ كَمَا عُلِمَ كَالْإِقَامَةِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّهُ شَرْطٌ دُونَهَا (وَلَوْ جَمَعَ) تَقْدِيمًا (ثُمَّ عَلِمَ) بَعْدَ فَرَاغِهِمَا أَوْ فِي أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ وَقَدْ طَالَ الْفَصْلُ بَيْنَ سَلَامِ الْأُولَى وَالتَّذَكُّرِ (تَرْكَ رُكْنٍ مِنْ الْأُولَى بَطَلَتَا) الْأُولَى لِتَرْكِ الرُّكْنِ وَتَعَذُّرِ التَّدَارُكِ بِطُولِ الْفَصْلِ وَالثَّانِيَةُ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ لِبُطْلَانِ شَرْطِهَا مِنْ صِحَّةِ الْأُولَى وَذَكَرَ هَذِهِ أَوَّلًا لِبَيَانِ التَّرْتِيبِ، ثُمَّ هُنَا لِبَيَانِ الْمُوَالَاةِ وَتَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ (وَيُعِيدُهُمَا جَامِعًا) إنْ شَاءَ تَقْدِيمًا عِنْدَ سِعَةِ الْوَقْتِ أَوْ تَأْخِيرًا لِأَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ، أَمَّا إذَا لَمْ يُطِلْ فَيَلْغُو مَا أَتَى بِهِ مِنْ الثَّانِيَةِ وَيَبْنِي عَلَى الْأُولَى وَخَرَجَ بِالْعِلْمِ الشَّكُّ فِي غَيْرِ النِّيَّةِ وَالتَّحَرُّمِ فَلَا يُؤَثِّرُ بَعْدَ فَرَاغِ الْأُولَى كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي سُجُودِ السَّهْوِ (أَوْ) عَلِمَهُ (مِنْ الثَّانِيَةِ) بَعْدَ فَرَاغِهَا (فَإِنْ لَمْ يَطُلْ) فَصْلٌ عُرْفًا بَيْنَ سَلَامِهَا وَتَذَكُّرِهَا (تَدَارَكَهُ) وَصَحَّتَا (وَإِلَّا) بِأَنْ طَالَ (فَبَاطِلَةٌ) لِتَعَذُّرِ التَّدَارُكِ (وَلَا جَمْعَ) لِطُولِهِ فَيُعِيدُهَا لِوَقْتِهَا (وَلَوْ جَهِلَ) فَلَمْ يَدْرِ مِنْ أَيِّهِمَا هُوَ (أَعَادَهُمَا لِوَقْتَيْهِمَا) رِعَايَةً لِلْأَسْوَأِ فِي إعَادَتِهِمَا وَهُوَ تَرْكُهُ مِنْ الْأُولَى وَفِي مَنْعِ الْجَمْعِ وَهُوَ تَرْكُهُ مِنْ الثَّانِيَةِ فَيَطُولُ الْفَصْلُ بِهَا وَبِالْأُولَى الْمُعَادَةِ بَعْدَهَا.
نَعَمْ لَهُ جَمْعُ التَّأْخِيرِ إذْ لَا مَانِعَ لَهُ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ وَرَابِعُهَا دَوَامُ سَفَرِهِ إلَى عَقْدِ الثَّانِيَةِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ بِقَوْلِهِ، وَلَوْ جَمَعَ تَقْدِيمًا فَصَارَ إلَخْ (وَإِذَا أَخَّرَ الْأُولَى) إلَى وَقْتِ الثَّانِيَةِ (لَمْ يَجِبْ التَّرْتِيبُ وَ) لَا (الْمُوَالَاةُ) بَيْنَهُمَا (وَ) لَا (نِيَّةُ الْجَمْعِ) فِي الْأُولَى (عَلَى الصَّحِيحِ)؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ هُنَا لِلثَّانِيَةِ وَالْأُولَى هِيَ التَّابِعَةُ فَلَمْ يَحْتَجْ لِشَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا اُعْتُبِرَتْ، ثَمَّ لِتَتَحَقَّقَ التَّبَعِيَّةُ لِعَدَمِ صَلَاحِيَّةِ الْوَقْتِ لِلثَّانِيَةِ نَعَمْ تُسَنُّ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ هُنَا (وَ) الَّذِي (يَجِبُ) هُنَا شَيْئَانِ أَحَدُهُمَا دَوَامُ سَفَرِهِ إلَى تَمَامِهَا وَسَيَذْكُرُهُ وَثَانِيهِمَا (كَوْنُ التَّأْخِيرِ بِنِيَّةِ الْجَمْعِ) فِي وَقْتِ الْأُولَى لَا قَبْلَهُ خِلَافًا فَالِاحْتِمَالُ فِيهِ لِوَالِدِ الرُّويَانِيِّ وَنِيَّةُ الصَّوْمِ خَارِجَةٌ عَنْ الْقِيَاسِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا وَذَلِكَ لِتَتَمَيَّزَ عَنْ التَّأْخِيرِ الْمُحَرَّمِ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ الْجَمْعُ أَنَّهُ لَابُدَّ مِنْ نِيَّةِ إيقَاعِهَا فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ فَلَوْ نَوَى التَّأْخِيرَ لَا غَيْرَ عَصَى وَصَارَتْ الْأُولَى قَضَاءً (وَإِلَّا) يَنْوِ أَصْلًا أَوْ نَوَى وَقَدْ بَقِيَ مِنْ وَقْتِ الْأُولَى مَا لَا يَسَعُهَا (فَيَعْصِي)؛ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ إنَّمَا جَازَ عَنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ بِشَرْطِ الْعَزْمِ عَلَى الْفِعْلِ فَكَانَ انْتِفَاءُ الْعَزْمِ كَانْتِفَاءِ الْفِعْلِ وَوُجُودُهُ كَوُجُودِهِ (وَ) فِيمَا إذَا تَرَكَ النِّيَّةَ مِنْ أَصْلِهَا أَوْ نَوَى وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا لَا يَسَعُ رَكْعَةً (تَكُونُ قَضَاءً) لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْعَزْمَ كَالْفِعْلِ وَبِعَدَمِ رَكْعَةٍ فِي الْوَقْتِ تَكُونُ قَضَاءً فَكَذَا بِعَدَمِ الْعَزْمِ قَبْلَ مَا يَسَعُ رَكْعَةً تَكُونُ قَضَاءً وَمَا ذَكَرْته مِنْ أَنَّ شَرْطَ عَدَمِ الْعِصْيَانِ وُجُودُ النِّيَّةِ وَقَدْ بَقِيَ مَا يَسَعُ الصَّلَاةَ وَشَرْطُ الْأَدَاءِ وُجُودُهَا وَقَدْ بَقِيَ مَا يَسَعُ رَكْعَةً هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَبِهِ يُجْمَعُ بَيْنَ مَا وَقَعَ لِلْمُصَنِّفِ مِنْ التَّنَاقُضِ فِي ذَلِكَ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: وَشُرُوطُ جَمْعِ التَّقْدِيمِ إلَخْ) قَالَ فِي الْعُبَابِ الرَّابِعُ دَوَامُ السَّفَرِ إلَى عَقْدِ الثَّانِيَةِ، فَإِنْ أَقَامَ فِي الْأُولَى أَوْ قَبْلَ عَقْدِ الثَّانِيَةِ فَلَا جَمْعَ، وَكَذَا لَوْ نَوَى بَعْدَ الْأُولَى تَرْكَ الْجَمْعِ. اهـ.
وَفِي التَّجْرِيدِ لَوْ جَمَعَ تَقْدِيمًا فَلَمَّا شَرَعَ فِي الْعَصْرِ نَسِيَ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ: نَوَيْت الْجَمْعَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لَا مِنْ جِهَةِ الْكَلَامِ بَلْ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي بُطْلَانَ نِيَّةِ الْجَمْعِ وَهُوَ يَقْتَضِي بُطْلَانَ نِيَّةِ الْقَصْرِ، إذْ شَرْطُ الْجَمْعِ بَقَاءُ نِيَّتِهِ إلَى الْفَرَاغِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ نَوَى إبْطَالَ نِيَّةِ الْجَمْعِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ. اهـ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْعُبَابِ، وَلَوْ نَوَى بَعْدَ الْأُولَى، وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ تَرْكَ الْجَمْعِ فَلَا جَمْعَ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهَا قَالُوا: لِأَنَّ شَرْطَ هَذَا الْجَمْعِ بَقَاؤُهُ عَلَى نِيَّتِهِ إلَى الْفَرَاغِ مِنْهُ فَبَطَلَ لِإِعْرَاضِهِ عَنْهُ صَرِيحًا وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا مَرَّ فِي الرِّدَّةِ إلَخْ. اهـ.
وَقَوْلُ التَّجْرِيدِ السَّابِقُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ يُتَّجَهُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَتَذَكَّرْ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ وَإِلَّا فَيُتَّجَهُ عَدَمُ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ إعَادَةَ النِّيَّةِ سَهْوًا لَا يُبْطِلَ النِّيَّةَ السَّابِقَةَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَوَّلَ صِفَةِ الصَّلَاةِ فِي الشَّرْحِ وَهَامِشِهِ فِيمَا لَوْ كَبَّرَ مَرَّاتٍ نَاوِيًا الِافْتِتَاحَ بِكُلٍّ وَالْفَصْلُ الْيَسِيرُ مُغْتَفَرٌ كَمَا عُلِمَ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَمَعَ تَحَلُّلِهَا) أَيْ، وَإِنْ قُلْنَا: إنَّهُ بِتَمَامِهِ يَتَبَيَّنُ الْخُرُوجُ مِنْ أَوَّلِهِ لِوُقُوعِهَا قَبْلَ تَحَقُّقِ الْخُرُوجِ فَكَفَتْ وَلِذَا ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ حِينَئِذٍ وَعُدَّتْ التَّسْلِيمَةُ الْأُولَى مِنْهُمَا، وَإِنْ تَبَيَّنَ الْخُرُوجُ بِأَوَّلِهَا وَعَلَى مَنْعِ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ حِينَئِذٍ فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا نَحْنُ فِيهِ مُمْكِنٌ.
(قَوْلُهُ: وَمَعَ تَحَلُّلِهَا) أَيْ بِخِلَافِهَا بَعْدَ التَّحَلُّلِ لَا أَثَرَ لَهَا مُطْلَقًا.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ نِيَّةِ فِعْلِهِ، ثُمَّ تَرَكَهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَمَا لَوْ نَوَى الْجَمْعَ، ثُمَّ نَوَى تَرْكَهُ، ثُمَّ نَوَاهُ. اهـ.
أَيْ قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ فِي الْجَمِيعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ شَرْطَ نِيَّةِ الْجَمْعِ وُجُودُهَا قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنْ الْأُولَى أَمَّا لَوْ نَوَى الْجَمْعَ، ثُمَّ نَوَى تَرْكَهُ قَبْلَ السَّلَامِ، ثُمَّ نَوَاهُ بَعْدَ السَّلَامِ فَلَا جَمْعَ لِأَنَّ نِيَّةَ الْجَمْعِ قَبْلَ السَّلَامِ بَطَلَتْ بِنِيَّةِ تَرْكِهِ قَبْلَ السَّلَامِ وَوُجُودُهَا بَعْدَهُ لَا أَثَرَ لَهُ لِفَقْدِ شَرْطِهَا مِنْ كَوْنِهَا فِي الْأُولَى، وَلَوْ نَوَى الْجَمْعَ قَبْلَ السَّلَامِ، ثُمَّ بَعْدَهُ، ثُمَّ نَوَى تَرْكَهُ، ثُمَّ أَرَادَهُ جَازَ إنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ وُجِدَتْ فِي الْأُولَى فَلَا تُؤَثِّرُ فِيهَا نِيَّةُ التَّرْكِ بَعْدَ السَّلَامِ فَلَا مَانِعَ مِنْ الْجَمْعِ حِينَئِذٍ إلَّا تَرْكُ الْفَصْلِ كَسَائِرِ صُوَرِ تَرْكِ الْفَصْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ قَالَ آنِفًا إنَّ ذَلِكَ هُوَ الْأَوْجَهُ، ثُمَّ رَأَيْته رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ كَمَا تَرَى أَيْ فَإِنَّهُ ضَرَبَ عَلَى قَوْلِهِ، ثُمَّ أَرَادَ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ عَلَى الْأَوْجَهِ بَعْدَ قَوْلِهِ، وَلَوْ نَوَى تَرْكَهُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ وَأَثْبَتَ مَكَانَهُ، وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ، ثُمَّ أَرَادَهُ، وَلَوْ فَوْرًا لَمْ يَجُزْ كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَمِنْهُ إلَخْ وَالْمَضْرُوبُ أَوْجَهُ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ م ر.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ) أَشَارَ بِهِ وَبِقَوْلِهِ وَيُفَرَّقُ إلَخْ إلَى دَفْعِ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ حَيْثُ قَالَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْمُتَوَلِّي، وَلَوْ شَرَعَ فِي الظُّهْرِ بِالْبَلَدِ فِي سَفِينَةٍ فَسَارَتْ فَنَوَى الْجَمْعَ، فَإِنْ لَمْ نَشْتَرِطْ النِّيَّةَ مَعَ التَّحَرُّمِ صَحَّ لِوُجُودِ السَّفَرِ وَقْتَهَا وَإِلَّا فَلَا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حُدُوثِ الْمَطَرِ فِي أَثْنَاءِ الْأُولَى حَيْثُ لَا يَجْمَعُ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي لِأَنَّ السَّفَرَ بِاخْتِيَارِهِ فَنُزِّلَ اخْتِيَارُهُ فِي ذَلِكَ مَنْزِلَتَهُ بِخِلَافِ الْمَطَرِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ اخْتِيَارَهُ فَالْوَجْهُ امْتِنَاعُ الْجَمْعِ عَلَى أَنَّ مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي هُنَا ذُكِرَ مِثْلُهُ، ثُمَّ فَعَلَيْهِ لَا فَرْقَ. اهـ.
(قَوْلُهُ: عَلَى الْأَوْجَهِ) كَذَا م ر.
(قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ إلَخْ) وَيُفَرَّقُ أَيْضًا بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ السِّيَرِ أَنْ يَكُونَ بِالِاخْتِيَارِ وَالْمَطَرُ أَنْ لَا يَكُونَ بِالِاخْتِيَارِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَى تَرْكَهُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ إلَخْ) أَيْ مَعَ وُجُودِ نِيَّةٍ مَعَ التَّحَلُّلِ أَوْ قَبْلَهُ، وَفِي الْعُبَابِ، وَلَوْ ارْتَدَّ بَعْدَ الْأُولَى وَأَسْلَمَ فَوْرًا فَفِي جَمْعِهِ تَرَدُّدٌ. اهـ.
قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ أَيْ احْتِمَالَانِ لِلرُّويَانِيِّ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ تَرْجِيحُهُ مِنْهُمَا أَنَّهُ يَجْمَعُ إذْ الرِّدَّةُ لَا تُحْبِطُ الْعَمَلَ وَلَا تُنَافِي النِّيَّةَ لِانْقِضَاءِ وَقْتِهَا بِسَلَامِ الْأُولَى وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ مَا لَوْ ارْتَدَّ نَاوِي الصَّوْمِ لَيْلًا، ثُمَّ أَسْلَمَ قَبْلَ الْفَجْرِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُجَدِّدُ وَقْتَ النِّيَّةِ حِينَئِذٍ. اهـ.
ثُمَّ ذَكَرَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مِمَّا يَنْبَغِي مُرَاجَعَتُهُ بِمَا رَجَّحَهُ مِنْ أَنَّهُ يَجْمَعُ أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ أَرَادَهُ) قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ جَازَ عَلَى الْأَوْجَهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الدَّارِمِيِّ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الْجَمْعَ أَوَّلَ الْأُولَى، ثُمَّ نَوَى تَرْكَهُ، ثُمَّ قَصَدَ فِعْلَهُ فَفِيهِ الْقَوْلَانِ فِي نِيَّةِ الْجَمْعِ فِي أَثْنَائِهِ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ طَالَ الْفَصْلُ) هَلَّا يَرْجِعُ أَيْضًا لِقَوْلِهِ بَعْدَ فَرَاغِهِمَا وَالْوَجْهُ رُجُوعُهُ لَهُ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: بِالْمَعْنَى السَّابِقِ) أَيْ عَدَمِ الْوُقُوعِ عَنْ فَرْضِهِ.
(قَوْلُهُ: لِبَيَانِ الْمُوَالَاةِ) فِيهِ بَحْثٌ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى تَرَتُّبِ هَذَا الْحُكْمِ عَلَى الْوَلَاءِ مَعَ أَنَّهُ يَنْتَظِمُ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْمُوَالَاةَ بَلْ لَا يُعْقَلُ فِي هَذَا الْقِسْمِ أَعْنِي، عَلِمَ تَرْكَ رُكْنٍ مِنْ الْأُولَى كَوْنَ الْبُطْلَانِ لِتَرْكِ الْمُوَالَاةِ.